( هل فهموا الدرس؟)
لعلكم فهمتم من العنوان ما هي سفينة الاثرياء إنها بالتأكيد السفينة تيتانك وابدأ أولا بعرض السبب الحقيقي لغرق سفينة الاثرياء قبل أن ابدأ في عرض القصة. لقد فات على خبراء الغرب تفسير الحادث من منطلق آخر ، نؤمن به نحن المسلمين .. وهو انه لا يمكن لأحد من البشر أن يتحدى قدرة الله ..فهؤلاء الأثرياء ظنوا انهم في بروج عالية وان سفينتهم العملاقة تحميهم من أي خطر كان، انظروا إلى ما يقوله أحد موظفي شركة وايت ستار ( المصنعة للسفينة) في 31 مايو 1911 "Not even God himself could sink this ship "
وترجمتها حرفيا ( حتى الله نفسه ..لا يستطيع إغراق هذه السفينة ) لقد تحدت هذه السفينة قدرة الله أو هكذا أرادوا لها من صنعوها.. ولكن الله عز وجل بقدرته التي لا حدود لها أغرقها... وبأتفه الأسباب... بمجرد اصطدام بسيط في أحد جوانبها فهل فهموا الدرس ؟؟( أينما كنتم يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) صدق الله العظيم
وترجمتها حرفيا ( حتى الله نفسه ..لا يستطيع إغراق هذه السفينة ) لقد تحدت هذه السفينة قدرة الله أو هكذا أرادوا لها من صنعوها.. ولكن الله عز وجل بقدرته التي لا حدود لها أغرقها... وبأتفه الأسباب... بمجرد اصطدام بسيط في أحد جوانبها فهل فهموا الدرس ؟؟( أينما كنتم يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) صدق الله العظيم
************************************************
( بداية الرحلة )
في 10 إبريل 1912 ، ترقب العالم بلهفة ذلك الحدث التاريخي ، وهو قيام السفينة تيتانك بأولى رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي من إنجلترا إلى الولايات المتحدة .لم تكن السفينة شيئا هينا في ذلك الوقت بعد حملة الدعاية الكبيرة التي قامت حولها من كل جانب ، فقد أشادت الصحف كثيرا بذلك الإنجاز الرائع الذي حققه الإنسان وعبرت عنه تلك السفينة العملاقة التي قيل عنها أنها ( لا تغرق)لم يكن اسم التيتانك والذي يعني المارد ، اسما مبالغا فيه في تسمية تلك السفينة فقد اتصفت بثلاث صفات لم تتوفر بغيرها من السفن وهي ( الضخامة - عدم القابلية للغرق – الفخامة )
ضمت السفينة تيتانك على ظهرها نخبة من أثرياء إنجلترا وأمريكا وكأن القدر قد انتقاهم من هنا وهناك ،ليجمع بهم في هذه الرحلة..وقد تخلف عن السفر العديد من الاثرياء كان من الممكن أن تحتضنهم مياه المحيط مع الكثيرين من الغرقى . بدأت السفينة تيتانك رحلتها بالفرح والأمنيات الحلوة استمرت رحلتها عبر المحيط على هذا النحو لأربعة ليال كاملة .
فراح كل من عليها يستمتع بأجمل الأوقات ، كان الاستمتاع بجمال وفخامة السفينة بحجراتها الواسعة الأنيقة ومطعمها البديع وما يحمل من أشهى المأكولات المختلفة هو نوع آخر من المتعة الكبيرة التي حظي بها ركاب السفينة ومن ناحية أخرى كانت السفينة تيتانك قد قطعت شوطا كبيرا من رحلتها الأولى بنجاح وهدوء تام ، أثبتت فيه جدارتها الفائقة في خوض البحار ، وقد دعا هذا إلى زيادة سرعة السفينة بدرجة كبيرة وإطلاق العنان لها بعد أن تأكد لطاقمها جدارتها في خوض البحر خلال الخمسمائة ميل السابقة أما قبطان السفينة ، كابتن
"إدوارد سميث" والبالغ من العمر 62 عاما فقد كان اسعد من عليها ، فهذه الرحلة الأخيرة له والتي يختتم بها ما يزيد على ثلاثين عاما من العمل في أعالي البحار ، والذي شهد له الكثيرون خلال هذه الفترة بالنجاح والمهارة الفائقة.
( رسائل الإنذار)
وفي 14 إبريل 1912 وهو اليوم الخامس من رحلة السفينة بدأت المخاطر تتربص بالسفينة العملاقة ومن عليها من سادة القوم فمنذ ظهيرة ذلك اليوم حتى أخره ، تلقت حجرة اللاسلكي بالسفينة رسائل عديدة من بعض السفن المارة بالمحيط ومن وحدات الحرس البحري تشير إلى اقتراب السفينة من الدخول في منطقة مياه جليدية مقابلة للساحل الشرقي لكندا . وعلى الرغم من هذه الرسائل العديدة التي تلقتها السفينة ، لم يبد أحد من طاقمها ، وعلى الأخص كابتن سميث ، أي اهتمام.حتى أن عامل اللاسلكي قد تلقى بعض الرسائل ولم يقم بإبلاغها إلى طاقم السفينة لعدم اكتراثهم بها لكنه بعد حلول الظلام وبالتحديد في الساعة التاسعة مساءا من نفس هذا اليوم ، بدأت درجة الحرارة في الانخفاض بشكل ملحوظ ، مما جعل كابتن سميث يدرك أن السفينة تقترب ، بالفعل ، من منطقة جليدية ، لكنه على الرغم من ذلك لم يبد اهتماما كبيرا لهذا الأمر فكل ما قام به هو إعطاء الأوامر بتفقد خزانات المياه ، خوفا من أن تكون المياه قد تجمدت بها .كما بلغ مراقب السفينة ، فر يدريك فليت ، بتشديد الرقابة والإبلاغ عن أي كتل ثلجية ضخمة قد تظهر له. ثم دخل كابتن سميث حجرته لينام
وقد كانت الرؤية في هذه الليلة غير قمرية غاية في الصعوبة، حتى أن الأفق لم يكن واضحا على الإطلاق وفى حوالي منتصف نفس هذه الليلة ، وبينما فليت ـــ مراقب السفينة ـــ يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص في هذا الوقت، فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة في طريق السفينة ، وفي ثوان معدودات بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده ..إنه جبـل جليدي،فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة، كما قام بالاتصال بالضابط المناوب واخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة في اتجاه السفينة ،حيث قام بسرعة وأمر بتغير اتجاه السفينة ثم بإيقاف المحركات .
ولكن لم يكن هناك أي فرصة لتجنب الاصطدام ، فارتطم جبل الثلج بجانب السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة ، حتى أن باقي أفراد طاقم السفينة قد ظنوا انهم نجحوا في تغيير المسار وتجنب الاصطدام ، ومع حدوث هذا التصادم ، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر السفينة،وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير ملحوظة ، لكنها انزلقت قليلا من الخلف ، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما عن الحركة كذلك ذكر أحد الضباط على السفينة والذي كان نائما بحجرته في ذلك الوقت : أن كل ما أحس به هو حدوث اهتزاز بسيط بجدار السفينة ، مما اقلق نومه ، لكنه عاد للنوم مرة أخرى ، بعد أن تبادر إلى ذهنه أن السفينة قد غيرت من اتجاهها بطريقة غير لائقة . لم يشعر معظم ركاب السفينة بان سفينتهم العملاقة قد اصطدمت بأي شئ ، فإلى جانب أن التصادم كان غير مسموعا بدرجة كافية .
كان معظم المسافرين داخل حجراتهم ، في هذه الليلة الباردة بل أن الكثيرين منهم كانوا قد استغرقوا قي النوم ، فلم يكن مستيقظا في ذلك الوقت سوى بعض الرجال الذين كانوا يدخنون السيجار في الغرفة الخاصة لذلك من الدرجة الأولى ، بعد تناولهم العشاء وبعد انصراف زوجاتهم إلى حجرات النوم ، ولم يكن صوت هذا التصادم مسموعا لهم ألا بدرجة خافته ، فقام اثنان منهم واتجها إلى ظهر السفينة لمعرفة سبب هذا الصوت الخافت ، وتبعهما بعد ذلك آخرون وآخرون ، ومن الغريب انهم جميعا لم يبدوا أي اهتمام ، فلم يبالوا إلا بمشاهدة جبل الثلج والقطع المتناثرة منه على ظهر السفينة ، ثم عادوا جميعا بعد ذلك لما كانوا فيه ، فمنهم من عاد ليكمل لعبته المسلية ، ومنهم من عاد لتدخين السيجار وتتناول المشروبات ، كما دخل بعضهم حجراتهم الخاصة ليخلدوا للنوم !كذلك عبر بعض المارين بالسفينة في ذلك الوقت عن إحساسهم بهذا التصادم بصور مختلفة ، فقال بعضهم انه كان يبدو كما لو كانت السفينة مرت على( ارض من المرمر ) ! ، وهو تشبيه ملائم تماما لتلك الطبقة الأرستقراطية ، كما ذكر آخرون : ( انه كان يبدو كالصوت الصادر عن تمزيق قطعة قماش) أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة .
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم ، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل السفينة ، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما ، وامتلأت أيضا حجرة البريد بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات ، مما يشير إلى كارثة وان غرق السفينة تيتانك أمر محتم .
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث ، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة ، كما أمر بإرسال نداء الإغاثة ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث ، فعدد ركاب السفينة هو 2227 راكبا ، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة ، الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث ، بل أن بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف ، فهم لا يزالون يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق.
وقد كانت الرؤية في هذه الليلة غير قمرية غاية في الصعوبة، حتى أن الأفق لم يكن واضحا على الإطلاق وفى حوالي منتصف نفس هذه الليلة ، وبينما فليت ـــ مراقب السفينة ـــ يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص في هذا الوقت، فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة في طريق السفينة ، وفي ثوان معدودات بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده ..إنه جبـل جليدي،فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة، كما قام بالاتصال بالضابط المناوب واخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة في اتجاه السفينة ،حيث قام بسرعة وأمر بتغير اتجاه السفينة ثم بإيقاف المحركات .
ولكن لم يكن هناك أي فرصة لتجنب الاصطدام ، فارتطم جبل الثلج بجانب السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة ، حتى أن باقي أفراد طاقم السفينة قد ظنوا انهم نجحوا في تغيير المسار وتجنب الاصطدام ، ومع حدوث هذا التصادم ، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر السفينة،وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير ملحوظة ، لكنها انزلقت قليلا من الخلف ، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما عن الحركة كذلك ذكر أحد الضباط على السفينة والذي كان نائما بحجرته في ذلك الوقت : أن كل ما أحس به هو حدوث اهتزاز بسيط بجدار السفينة ، مما اقلق نومه ، لكنه عاد للنوم مرة أخرى ، بعد أن تبادر إلى ذهنه أن السفينة قد غيرت من اتجاهها بطريقة غير لائقة . لم يشعر معظم ركاب السفينة بان سفينتهم العملاقة قد اصطدمت بأي شئ ، فإلى جانب أن التصادم كان غير مسموعا بدرجة كافية .
كان معظم المسافرين داخل حجراتهم ، في هذه الليلة الباردة بل أن الكثيرين منهم كانوا قد استغرقوا قي النوم ، فلم يكن مستيقظا في ذلك الوقت سوى بعض الرجال الذين كانوا يدخنون السيجار في الغرفة الخاصة لذلك من الدرجة الأولى ، بعد تناولهم العشاء وبعد انصراف زوجاتهم إلى حجرات النوم ، ولم يكن صوت هذا التصادم مسموعا لهم ألا بدرجة خافته ، فقام اثنان منهم واتجها إلى ظهر السفينة لمعرفة سبب هذا الصوت الخافت ، وتبعهما بعد ذلك آخرون وآخرون ، ومن الغريب انهم جميعا لم يبدوا أي اهتمام ، فلم يبالوا إلا بمشاهدة جبل الثلج والقطع المتناثرة منه على ظهر السفينة ، ثم عادوا جميعا بعد ذلك لما كانوا فيه ، فمنهم من عاد ليكمل لعبته المسلية ، ومنهم من عاد لتدخين السيجار وتتناول المشروبات ، كما دخل بعضهم حجراتهم الخاصة ليخلدوا للنوم !كذلك عبر بعض المارين بالسفينة في ذلك الوقت عن إحساسهم بهذا التصادم بصور مختلفة ، فقال بعضهم انه كان يبدو كما لو كانت السفينة مرت على( ارض من المرمر ) ! ، وهو تشبيه ملائم تماما لتلك الطبقة الأرستقراطية ، كما ذكر آخرون : ( انه كان يبدو كالصوت الصادر عن تمزيق قطعة قماش) أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة .
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم ، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل السفينة ، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما ، وامتلأت أيضا حجرة البريد بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات ، مما يشير إلى كارثة وان غرق السفينة تيتانك أمر محتم .
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث ، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة ، كما أمر بإرسال نداء الإغاثة ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث ، فعدد ركاب السفينة هو 2227 راكبا ، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة ، الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث ، بل أن بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف ، فهم لا يزالون يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق.
( بريق الأمل)
في نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكي بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة ، وان كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة جدا عن السفينة تيتانك ، فكانت كل هذه النداءات دون أي جدوى ، ولكن ظهر للسفينة تيتانك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى هي السفينة "كاليفورنيان" ، والتي كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة في دقائق وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التي تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم يصل للسفينة كاليفورنيان أي نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التي ظلت ترسل بها السفينة تيتانك ، ففي هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل اللاسلكي بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال
( شبح الموت)
واستمر الحال كما هو عليه بظهر السفينة ، الموسيقى تعزف ، والسفينة تنخفض تدريجيا والخوف يزداد ويزداد مع اقتراب ظهر السفينة من سطح المياه ، والذي لا يزال يحمل مئات الركاب والذين لم يتم بعد إخلائهم منها ، فبدأ شبح الموت يخيم على وجوه الجميع ، فقد أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد نفاد معظم قوارب النجاة ، فلم يعد يبقى منها غير قاربين فإما الموت غرقا مع السفينة وإما القفز إلى المياه الجليدية الكفيلة بإحداث صدمة عصبية مميتة بمجرد النزول إليها .وأمام شبح الموت الذي خيم على السفينة بأكملها برزت بعض المواقف الإنسانية الجميلة التي عبرت عن الوفاء في أسمى صوره ، ولكن كان هناك أيضا بعض المواقف الغريبة والمثيرة للدهشة .فمن ضمن هذه المواقف الإنسانية الجميلة التي برزت أمام شبح الموت ، هو تشبث بعض الزوجات بأزواجهن ورفضهم مغادرة السفينة عند مجيء دورهن في الانتقال إلى قوارب النجاة .وكان أروع مثل شهادته السفينة لهذا الوفاء العظيم ، هو ما عبرت عنه "مسز ايدا ستروس" زوجة الثري الكبير ايزدور ستروس ، والتي عادت مرة أخرى إلى ظهر السفينة بعد دخولها إلى قارب النجاة ، لتحضن زوجها وهي تبكي قائلة : لقد عشنا معا سنوات طويلة لا يمكن أن ارحل من دونك ، سوف امضي حيث تمضي .. وذهب الاثنان معا ليجلسا في ركن هادئ بعيد وأخذا يرقبان ما يجري حولهما في انتظار القرار الأخير لنهاية مصيرهما المشترك
( سأموت جنتلمان )
كذلك كان للمليونير" بنجامين جاجنيهيم" الذي اشتهر بأناقته ، موقف في غاية الغرابة أثناء هذه اللحظات الحرجة التي بدأت فيها السفينة تنغمس بوضوح في مياه المحيط ، إذ قام المليونير إلى حجرته وبدل سترة النجاة التي كان يرتديها بأخرى أنيقة خاصة بالحفلات الرسمية ، وعندما أنهى زينته وأناقته على أكمل وجه ، توجه إلى ظهر السفينة ليعلن أمام الجميع قائلا : ( مادام الهلاك لا مفر منه ، سأموت جنتلمان كما عشت جنتلمان )
( رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية )
أما داخل هذه القوارب ، فكانت الدهشة تملا نفوس الجميع، الذين راحوا يتأملون في ذهول سفينتهم العملاقة، التي لا تقهر، وهى تغوص في المياه بهيكلها الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنبعثة منها والتي راحت تدوي نغماتها عبر المياه !!ولكن سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة ، وإلى أن توقفت تماما، بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء،وصعد الطرف الآخر إلى السماء حتى كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار السفينة الزاهية لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع والسفينة تشق طريقها إلى القاع. ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما تحت سطح المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر
.ففي الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من أبريل، كانت السفينة تيتانك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها من مئات الركاب. وبدأت قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات مختلفة ودون هدف منشود،وسط ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما يؤنسها في هذا الليل المخيف إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا القليل من هذا الظلام الحالك.
واشتد البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما استطاعوا أن ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب )خاصة وان البعض منهم قد هرع إلى قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شئ. وكان أتعس هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه الجليدية وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة ،وامتلأ شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة.ولم يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في المياه،وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب،والذي بلغ عددهم الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم فتؤلمهم اشد الألم. ولم يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه الجليدية ،فكان على ركاب هذا القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة جذب زملاؤهم من تلك المياه الجليدية المؤلمة.ولم ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه أثناء غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما يمكن التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه . ولكن كانت برودة هذه المياه الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب النجاة يتجه إليه
وتم إنقاذ 705 راكبا من ركاب السفينة الأسطورة البالغ عددهم 2227 راكبا ، ثم انتشرت فضيحة الغرق في الصحف التي كانت مهتمة برحله إبحار هذا المارد الذي لا يغرق. لكن لم تستطع الصحف في هذا الوقت أن تبرر بوضوح ظروف الحادث وكيفية غرق السفينة ، حتى بدا يتجمع لديها قدر كاف من المعلومات التي استطاعت الحصول عليها من الركاب الناجين من هذا الحادث ، بما فيهم بعض أفراد طاقم السفينة
( أينما كنتم يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) صدق الله العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق